Index   Back Top Print

[ AR  - DE  - EN  - ES  - FR  - IT  - PL  - PT ]

الزيارة الرّسوليّة إلى إندونيسيا، وبابوا غينيا الجديدة، وتيمور الشّرقيّة، وسنغافورة

المؤتمر الصّحفي في أثناء رحلة العودة من سنغافورة إلى روما

الجمعة 13 أيلول/سبتمبر 2024

[Multimedia]

___________________________

 

ماتيو بروني

مرحبًا، صاحب القداسة. شكرًا على أيّام الزّيارة هذه، كانت كثيرة. شكرًا أيضًا لأنّكم جعلتمونا نشعر بفرح النّاس أكثر من شعورنا بالتّعب. والآن هناك بعض الأسئلة من قبل الصّحفيّين الذين سافروا معكم. لنبدأ بالسّؤال الأوّل كالعادة.

 

البابا فرنسيس

أوّلًا أريد أن أشكركم جميعًا على عملكم، وعلى مرافقتكم لِي في الزّيارة، لأنّه أمر مهمّ جدًّا بالنّسبة لِي. ثمّ أودّ أن أهنّئ عميدة الصّحفيين، لأنّ فالنتينا الأزركي (Valentina Alazraki) تقوم برحلتها المائة والسّتّين، مع هذه الزّيارة! لن أقول لها أن تتقاعد، بل أن تستمرّ على هذا النّحو!

حسنًا، الآن اطرحوا الأسئلة. وشكرًا جزيلًا.

 

ماتيو بروني

حسنًا. السّؤال الأوّل من صحفيّة من سنغافورة، صاحب القداسة: بي تينغ وونغ-  Pei Ting Wong - (The Streits Times). ستطرح السّؤال باللغة الإنجليزيّة وأنا سأترجمه لكم.

 

بي تينغ وونغ (The Streits Times)

قداسة البابا فرنسيس، أنا سعيدة لأنّكم بصحّة جيّدة، ولأنّكم تعودون إلى روما. أتمنّى أن تكونوا قد أحببتم زيارتكم إلى سنغافورة، والطّعام المحلّي أيضًا. خبرتنا في سنغافورة ما زالت حاضرة فينا، ومن هنا يمكننا أن نبدأ. بصورة عامّة، ما هي الأمور التي أحببتموها أكثر من غيرها في سنغافورة: الثّقافة، أم النّاس؟ هل تفاجأتم ممّا رأيتم؟ وماذا يمكن أن تتعلّم سنغافورة من البلدان الثّلاثة الأخرى التي زرتموها، وبنوع محدّد أشير إلى رسالتكم بشأن راتب عادل للعمّال المهاجرين، ذوي الدّخل المنخفض: ما الذي ألهمكم هذه الرّسالة، وما هو أساس هذه الفكرة؟ والسّؤال الآخر - اعذروني لدّي سؤال آخر -: قلتم إنّ سنغافورة لديها دور مميّز جدًّا تلعبه على الصّعيد الدّولي. ماذا يمكن أن تفعل سنغافورة في هذا العالم المليء بالصّراعات، وكيف يمكن للفاتيكان أن يساهم في ذلك، كونها حليفًا دبلوماسيًّا؟ شكرًا.

 

البابا فرنسيس

شكرًا لكِ. أوّلًا لم أكن أتوقّع أن أرى سنغافورة على هذا الشّكل. يُقال إنّها تُسمّى نيويورك الشّرق: بلد متطوّر، ونظيف، والنّاس مهذّبون، ويوجد في المدينة ناطحات سحاب عالية وأيضًا ثقافة كبيرة بين الأديان. اللقاء الأخير بين الأديان الذي شاركتُ فيه، كان نموذجًا، نموذجًا للأخوّة. ورأيت أيضًا، كوننا نتكلّم على المهاجرين، ناطحات سحاب للعمّال. ناطحات سحاب فخمة، وأخرى جميلة ونظيفة وهذا أعجبني كثيرًا. لم أشعر بوجود تفرقة. أدهشتني الثّقافة. مع الطّلاب مثلًا، في آخر يوم، أدهشتني حقًّا ثقافتهم. الدّور الدّوليّ: - رأيت أنّه في الأسبوع المقبل سيكون هناك سباق الفورمولا واحد Formula Uno”“، على ما أعتقد - الدّور الدّولي هو دور عاصمة تجذب إليها الثّقافات، وهذا أمر مهمّ. إنّها عاصمة مهمّة. لم أتوقّع أن أرى شيئًا من هذا النّوع.

 

بي تينغ وونغ

هناك سؤال آخر: هل يمكن أن تتعلّم سنغافورة شيئًا من البلدان الثّلاثة: بابوا غينيا الجديدة، إندونيسيا وتيمور الشّرقية؟

 

البابا فرنسيس

تعلمين، يمكننا دائمًا أن نتعلّم شيئًا، لأنّ كلّ شخص وكلّ بلد له غِنًى مختلف عن الآخر. لهذا السّبب الأخوّة في التّواصل مهمّة. مثلًا، إن فكّرتُ في تيمور الشّرقية، رأيت هناك أطفالًا كثيرين، وفي سنغافورة لم أرَ كثيرًا منهم. ربّما هذا شيء يمكن تعلّمه.

 

بي تينغ وونغ

نعم، معدّل الولادات لدينا منخفض.

 

البابا فرنسيس

هل هم خائفون؟ ما هو معدّل الولادات لديكم؟

 

بي تينغ وونغ

أقلّ من 1.2 %، وهو أدنى من معدّل الولادات في اليابان، على حسب معلوماتي.

 

البابا فرنسيس

الأطفال هم المستقبل! فكّروا في ذلك. شكرًا. أمرٌ آخر: أنتم، سكّان سنغافورة، إنّكم لطيفون جدًّا. أنتم تبتسمون.

 

ماتيو بروني

السّؤال الثّاني، صاحب القداسة، من ديلفيم دي أوليفيرا -  Delfim De Oliveira -، وهو صحفيّ من GMN TV في تيمور الشّرقيّة. سيطرح السّؤال باللغة البرتغاليّة، ولدينا التّرجمة لسؤاله.

 

ديلفيم دي أوليفيرا GMN TV (Grupo Média Nacional)

أيّها الأب الأقدس، أشكركم على هذه الفرصة. رسالتكم الختاميّة خلال القدّاس في Taci Tolu هي الخبر الأكثر انتشارًا اليوم في تيمور. استخدمتم تعبير ”تماسيح“ لتلفتوا انتباه أهل تيمور إلى وجود تماسيح في تيمور الشّرقية. ماذا قصدتم أن تقولوا؟

 

البابا فرنسيس

استخدمت صورة التّماسيح التي تأتي إلى الشّاطئ. تيمور الشّرقية فيها ثقافة بسيطة، وعائليّة، وفرحة، وفيها ثقافة حياة، وفيها أطفالٌ كثيرون، وعندما تكلّمت على التّماسيح، تكلمتُ على الأفكار التي يمكن أن تأتي من الخارج لتفسد هذا الانسجام الذي لديكم. سأقول لك شيئًا: لقد أحببت كثيرًا تيمور الشّرقية. هل لديك سؤالٌ آخر؟

 

ديلفيم دي أوليفيرا GMN TV (Grupo Média Nacional)

شعب تيمور الشّرقيّة أغلبيّته كاثوليكيّ، وفي وقتنا الحاليّ ثمّة حضور قويّ للبِدَع في تيمور الشّرقيّة: هل من الممكن أن يكون تعبير ”تماسيح“  موجّه إلى البِدَع في تيمور الشّرقيّة؟

 

البابا فرنسيس

هذا ممكن. أنا لا أتكلّم على هذا الموضوع، لا أستطيع، ولكن هذا ممكن. لأنّه علينا أن نحترم الأديان كلّها، لكن علينا أن نميّز بين الدّيانة والبِدعَة. الدّيانة شاملة، أيّة ديانة كانت، بينما البِدعَة ضيّقة، وهي مجموعة صغيرة لها دائمًا نوايا أخرى. شكرًا، وتهانينا على بلدك.

 

ماتيو بروني

السّؤال الثّالث من فرنشيسكا كريستي روزانا (Tempo Media Group)، صحفيّة من إندونيسيا، التي – كما تعلمون – كان ذكرى عيد مولدها منذ أيّام.

 

فرنشيسكا كريستي روزانا - Francisca Christy Rosana - (Tempo Media Group)

شكرًا قداسة البابا فرنسيس: أنا فرنشيسكا، من صحيفة Tempo. أتمنّى أن تكونوا قد أمضيتم أوقاتًا لا تُنسى في إندونيسيا، لأنّ النّاس هناك، وليس فقط الكاثوليك، كانوا ينتظرونكم منذ زمن طويل. أسئلتي هي التّالية: لقد أدركنا أنّ البلاد ما تزال تناضل في سبيل الدّيمقراطيّة. ما هو انطباعكم، وما هي رسالتكم لنا؟ والسّؤال الأخير: بابوا وإندونيسيا لديهما المشكلة نفسها مع بابوا غينيا الجديدة، فأحيانًا: الاستثمارات في قطاع المناجم تقتصر على القلّة التي هي طبقة أصحاب الأموال، وفي الوقت نفسه، السّكّان المحلّيّون والسّكّان الأصليّون لا يستفيدون من عائدات هذه النّشاطات. ما رأيكم في ذلك، وماذا يمكن أن نفعل؟ شكرًا قداسة البابا فرنسيس.

 

البابا فرنسيس

أقول إنّ هذه مشكلة مُشتركة في البلدان التي هي في طور النّمو. لهذا السّبب، فإنّ ما يقوله تعليم الكنيسة الاجتماعيّ مهمّ: وهو أنّه يجب أن يكون هناك تواصل بين مختلف قطاعات المجتمع. قلتِ إنّ إندونيسيا بلد في طور النّمو، وربّما من بين الأمور التي لا بدّ من تنميتها هي بالضّبط العلاقة الاجتماعيّة. لكنّني سُررتُ من زيارتي لبلدكِ. جيّد جدًّا، وجميل جدًّا.

 

ماتيو بروني

صاحب القداسة، تابعت الصّحافة في بابوا غينيا الجديدة زيارتكم باهتمام كبير، لكن للأسف لم يكن ممكنًا لأحد الصّحفيّين أن يكون حاضرًا في هذه الرّحلة. لذلك، سأستغلّ الفرصة وأسألكم هل تودّون أن تقولوا لنا شيئًا عن بابوا غينيا الجديدة، وخصوصًا عن فانيمو، المكان الذي أعتقد أنّكم أردتم أن تزوروه شخصيًّا.

 

البابا فرنسيس

أعجبني البلد، وقد رأيت بلدًا في طور النّمو بشكلٍ قويّ. ثمّ أردت أن أذهب إلى فانيمو لأزور مجموعة من الكهنة والرّاهبات الأرجنتينيّين الذين يعملون هناك، ورأيتُ هناك تنظيمًا جميلًا جدًّا. الفنّ متطوّر جدًّا في البلاد كلّها: الرّقص، والتّعابير الشّعريّة الأخرى. لكن في بابوا غينيا الجديدة كان الفنّ مدهشًا، وفي فانيمو أيضًا كان تطوّر الفنّ مدهشًا. أذهلني جدًّا هذا الأمر. والمرسلون الذين زرتهم موجودون في الغابة، ويدخلون إلى الغابة ليعملوا. أعجبتني فانيمو، والبلاد أيضًا. شكرًا.

 

ماتيو بروني

شكرًا لكم، صاحب القداسة. السّؤال التّالي من ستيفانيا فالاسكا -  Stefania Falasca -، التي تكتب أيضًا لموقع على الإنترنيت في الصّين (Tianou Zhiku)

 

ستيفانيا فالاسكا (Tianou Zhiku)

مساء الخير، أيّها الأب الأقدس: للأسف أنا لا أتكلّم اللغة الصّينيّة! نحن عائدون من سنغافورة وهو بلد أغلبيّة سكّانه صينيّون، وهو نموذج للعيش المنسجم والسّلمي معًا. وفيما يتعلّق بالسّلام: أودّ أن أعرف ما هو رأيكم، نظرًا لقرب سنغافورة من الصّين الشّعبية، في الجهود التي تبذلها الصّين من أجل التّوصّل إلى وقف إطلاق النّار في المناطق التي تشهد صراعات، مثل قطاع غزّة: في تمّوز/يوليو، في بكّين، تمّ التّوقيع على ”إعلان بكّين“ لإنهاء الانقسامات بين الفلسطينيّين. ثمّ، هل هناك مساحات للتّعاون بشأن السّلام بين الصّين والكرسي الرّسوليّ؟ والسّؤال الأخير: نحن قريبون من موعد تجديد الاتّفاق بين الصّين والكرسي الرّسوليّ بشأن تعيين الأساقفة. هل أنتم راضون عن نتائج الحوار التي تحقّقت حتّى الآن، أم لا؟

 

البابا فرنسيس

سأبدأ من السّؤال الأخير: أنا راضٍ عن الحوار مع الصّين، والنّتيجة جيّدة، ويتمّ العمل بشأن تعيين الأساقفة بإرادة حسنة. وقد اطّلعت من أمانة سرّ الدّولة على مجريات الأمور: أنا راضٍ. الأمر الآخر هو الصّين: الصّين بالنّسبة لي ”تطلُّع“، بمعنى أنّني أرغب أن أزور الصّين، لأنّه بلد عظيم، وأنا مُعجب به، وأحترمه. إنّه بلد يتمتّع بثقافة عمرها آلاف السّنين، وقدرته على الحوار وعلى التّفاهم فيما بينهم، بشكّل يتخطّى منظومات الحكم المختلفة التي عرفتها البلاد. أعتقد أنّ الصّين هي وعد وأملٌ بالنّسبة للكنيسة. يمكننا أن نقوم بالتّعاون، وبالتّأكيد من أجل وقف الصّراعات. في هذه المرحلة، الكاردينال تزوبّي هو الذي يسير في هذا الاتّجاه، وتربطه أيضًا علاقات مع الصّين.

 

ماتيو بروني

شكرًا صاحب القداسة. السّؤال التّالي من آنّا ماترانغا -  Anna Matranga - (CBS News) التي تعرفونها.

 

آنّا ماترانغا (CBS News)

مساء الخير، صاحب القداسة. تكلّمتم دائمًا على الدّفاع عن كرامة الحياة. في تيمور الشّرقية، البلد حيث معدّلات الولادات عالية جدًّا، قلتم إنّه يُسمَع فيه خفقان الحياة، تتفجَّر في كلّ زاوية بسبب الأطفال الكثيرين. وفي سنغافورة تكلّمتم على الدّفاع عن العمّال المهاجرين. مع اقتراب موعد الانتخابات الرّئاسيّة المقبلة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، أودّ أن أسألكم: ما هي النّصيحة التي يمكنكم أن تعطوها لناخب كاثوليكيّ، الذي عليه أن يختار بين مرشّح يؤيّد إنهاء الحمل، وآخر يريد أن يُرحّل أحد عشر مليون مهاجر؟

 

البابا فرنسيس

كلاهما ضدّ الحياة، من يطرد المهاجرين ومن يقتل الأطفال. كلاهما ضدّ الحياة. لا أستطيع أن أقول، لا يمكن اتخاذ قرار. أنا لست أمريكيًّا، ولن أذهب للتّصويت هناك، ولكن لنكن واضحين: إبعاد المهاجرين، وعدم منحهم القدرة على العمل، وعدم استقبالهم هو خطيئة، وجسيمة. هناك كلمات تتردّد في العهد القديم: اليتيم والأرملة والغريب، أي المهاجر. إنّهم الثّلاثة الذين كان على شعب إسرائيل أن يحرسهم. من لا يحرس المهاجر فهو مخالف، هذه خطيئة، خطيئة ضدّ حياة هؤلاء الأشخاص أيضًا. ذهبت للاحتفال بالقدّاس على الحدود، بالقرب من أبرشيّة إل باسو، وكان هناك أحذية كثيرة للمهاجرين الذين انتهى بهم الأمر بشكل سيّئ هناك. اليوم يوجد تيّار من الهجرة داخل أمريكا الوسطى حيث غالبًا تتمّ معاملتهم مثل العبيد، لأنّهم يُستَغلّون لذلك. الهجرة حقّ، وهو موجود في الكتاب المقدّس، وفي العهد القديم. الغريب واليتيم والأرملة: لا تنسوا ذلك. هذا ما أفكّر فيه بشأن المهاجرين. ثمّ الإجهاض. العِلم يقول إنّه في الشّهر الأوّل من الحمل تكون أعضاء الكائن البشري كلّها تكوّنت، كلّها. وبالتّالي فالإجهاض هو قتل إنسان. قد تعجبك الكلمة، أو لا، ولكنّه قتل. الكنيسة ليست منغلقة لأنّها لا تسمح بالإجهاض: بل الكنيسة لا تسمح بالإجهاض لأنّه قتل، إنّه جريمة قتل. وعلينا أن نكون واضحين بشأن ذلك. نُبعد المهاجرين، ولا نسمح لهم بأن يتطوّروا، وأن تكون لهم حياتهم هو أمر سيّء، وشرّ. إبعاد الطّفل عن حضن أمّه هو جريمة قتل، لأنّ هناك حياة. وفي هذه الأمور يجب علينا أن نتكلّم بوضوح. لا نقل: ”لا، ولكن...“. لا يوجد ”ولكن“. كلا الأمرين واضحان. اليتيم، والغريب، والأرملة: لا تنسَوا ذلك.

 

آنّا ماترانغا (CBS News)

هل هناك ظروف فيها يكون مقبولًا أخلاقيًّا على الكاثوليكيّ أن يصوّت لمرشّح يؤيّد إنهاء الحياة؟

 

البابا فرنسيس

في الأخلاق السّياسيّة، يُقال عادةً أنّ عدم التّصويت هو أمر سيّء، وليس جيّدًا: يجب التّصويت. ويجب أن نختار الشّرّ الأقل. من هو الشّرّ الأقل، تلك السّيّدة أم ذلك السّيّد؟ لا أعرف، ليفكّر كلّ شخص وفقًا لضميره وليقُمْ بواجبه.

 

ماتيو بروني

شكرًا صاحب القداسة. السّؤال التّالي من ميمّو موولو - Mimmo Muolo - (Avvenire)

 

ميمّو موولو (Avvenire)

مساء الخير، صاحب القداسة، وشكرًا على هذه الأيّام. باسم الصّحفيّين الإيطاليّين، أودّ أن أسألكم: هل هناك خطر أن يمتدّ الصّراع في غزّة إلى الضّفّة الغربيّة أيضًا؟ وقد وقع انفجار قبل بضع ساعات، تسبّب في قتل 18 شخصًا، من بينهم بعض موظّفي الأمم المتّحدة. ما هي مشاعركم في هذه اللحظة؟ وما الذي تشعرون أنّه يجب قوله للأطراف المتنازعة؟ وهل هناك إمكانيّة أيضًا لتوسّط الكرسي الرّسوليّ من أجل الوصول إلى وقف إطلاق النّار وتحقيق السّلام المرجو؟ شكرًا.

 

البابا فرنسيس

إنّ الكرسي الرّسوليّ يعمل من أجل ذلك. سأقول لكم شيئًا: كلّ يوم أتّصل هاتفيًّا مع غزّة، كلّ يوم، مع الرّعيّة. هناك داخل الرّعيّة والمدرسة، يوجد 600 شخص: مسيحيّون ومسلمون يعيشون كإخوة. يروون لِي أمورًا سيّئة، وصعبة. لا يمكنني أن أقول هل في هذه الأعمال الحربيّة مبالغة في سفك للدّماء أم لا، ولكن من فضلكم، عندما نرى جثث الأطفال القتلى، وعندما تُقصف مدرسة لمجرّد الشّكّ في وجود بعض المقاتلين هناك، هذا أمر سيّء. هذا أمر لا يجوز. أحيانًا يُقال إنّها حرب دفاعيّة أو لا، لكن في بعض الأحيان أعتقد أنّها حرب مفرطة، فيها إفراط. وأعتذر عن قول هذا، لكنّني لا أرى أنّه تُتَّخَذ خطوات نحو السّلام. مثلًا، في فيرونا، عشت خبرة جميلة جدًّا: كان هناك رجل يهودي فَقَدَ زوجته في قصف، وآخر من غزّة فَقَدَ ابنته. وتكلّم كلاهما على السّلام، وتعانقا وقدّما شهادة أخوّة. سأقول هذا: الأخوّة هي أهمّ من قتل الأخ. الأخوّة، هي أن نتصافح. في النّهاية، الذي سيربح في الحرب سيجد نفسه أمام هزيمة كبيرة. الحرب هي دائمًا هزيمة، ولا استثناء في ذلك. ويجب ألّا ننسَى ذلك. لهذا السّبب، فإن كلّ ما نقوم به من أجل السّلام هو مهمّ. وأيضًا، أريد أن أقول شيئًا – قد يبدو أنّني أتدخّل في السّياسة، لكنّي أريد أن أقوله -: أشكر كثيرًا مَلِكَ الأردن على ما يفعله. إنّه رجل سلام ويحاول أن يصنع السّلام، والملك عبد الله هو رجل جيِّد وصالح.

 

ماتيو بروني

السّؤال التّالي من ليزا فايس - Lisa Weiss -، من التّلفزيون الألماني ARD.

 

ليزا فايس (ARD)

أيّها الأب الأقدس، شكرًا على هذه الأيّام. خلال هذه الزّيارة، تكلّمتم بصراحة شديدة، وبطريقة مباشرة جدًّا، على مشاكل كلّ بلد، وليس فقط على جماله. ولهذا السّبب بالتّحديد تساءلنا: لماذا لم تتكلّموا على المشكلة التي لا تزال موجودة في سنغافورة، وهي عقوبة الإعدام؟

 

البابا فرنسيس

هذا صحيح، نعم، لم يخطر على بالي. لكن عقوبة الإعدام لا تجدي نفعًا: علينا أن نحاول إلغاءها ببطء. دول كثيرة لديها هذا القانون، ولكنّها لا تنفّذ العقوبة. الأمر نفسه موجود في بعض الولايات في الولايات المتّحدة الأمريكيّة. لكن عقوبة الإعدام يجب أن تتوقّف.

 

ماتيو بروني

السّؤال التّالي من سيمون ليبلاتر - Simon Leplâtre - من (Le Monde)

 

سيمون ليبلاتر (Le Monde)

أيّها الأب الأقدس، بداية، شكرًا جزيلًا على هذه الزّيارة الرّائعة. تكلّمتم في تيمور الشّرقية على الضّحايا الشّباب للاعتداء الجنسيّ. بالطّبع، تبادر إلى ذهني الأسقف بيلو (كارلوس فيليب اكسيمنس بيلو). في فرنسا لدينا حالة مماثلة، وهو الأَبِّي بيير - Abbé Pierre -، مؤسّس جمعيّة عمواس  (Emmaus)الخيريّة، الذي انتخب لسنوات عديدة الشّخصيّة المفضّلة لدى الفرنسيّين. في كلتا الحالتين، جعلت شخصيّة هذين الشّخصين من الصّعب تصديق ما حدث. أودّ أن أسألكم: ماذا يعرف الفاتيكان عن الأبِّي بيير، وماذا يمكنكم أن تقولوا لكلّ هؤلاء الأشخاص الذين يجدون صعوبة في أن يصدّقوا أنّ الشّخص الذي صنع خيرًا كثيرًا يمكنه أن يرتكب جرائم أيضًا؟ وبالكلام على فرنسا، أودّ أن أعرف: هل ستكونون في باريس لحضور إعادة افتتاح كاتدرائيّة نوتردام؟ شكرًا جزيلًا.

 

البابا فرنسيس

أجيب أوّلًا على السّؤال الأخير: لن أذهب إلى باريس. ثمّ السّؤال الأوّل. لقد لمست نقطة مؤلمة جدًّا وحسّاسة جدًّا. أناسٌ طيّبون، ويصنعون الخير – ذكرت الأبِّي بيير – الذي بعد الخير الكثير الذي صنعه، نرى أنّه شخصٌ خاطئ وسيّء. هذه هي حالتنا البشريّة. يجب ألّا نقول ”لنستر الموضوع، لنستر الموضوع حتّى لا يراه النّاس“. الخطايا العامّة هي علنيّة ويجب إدانتها. مثلًا، الأبّي بيير هو رجل صنع خيرًا كثيرًا، ولكنّه خاطئ أيضًا. وعلينا أن نتكلّم بوضوح على هذه الأمور، لا أن نخفيها. الوقوف ضدّ الاعتداءات، علينا كلّنا أن نقف ضد الاعتداءات: وليس فقط ضدّ الاعتداءات الجنسيّة، بل ضدّ كلّ أنواع الانتهاكات: الاجتماعيّة، والتّربويّة، وتغيير عقليّة الأشخاص، وسلب الحرّيّة... الانتهاكات، في رأيي، هي شيء شيطانيّ، لأنّ كلّ أنواع الانتهاكات تدمِّر كرامة الشّخص، وتسعى إلى تدمير شخصيتنا، كلّنا: ونحن صورة الله. أنا أفرح عندما تظهر هذه الحالات إلى العلن. وسأقول لكم شيئًا، ربّما قلته في وقت آخر: منذ خمس سنوات، عقدنا لقاءً مع رؤساء المجالس الأسقفيّة في قضايا الاعتداء الجنسيّ وغيرها من الانتهاكات، وحصلنا على إحصائيّة جيّدة جدًّا، أعتقد أنّها من الأمم المتّحدة. من 42 إلى 46 % من حالات الانتهاكات تحدث في العائلة أو في الحيّ... ولكي أنهي: الاعتداء الجنسيّ على الأطفال والقاصرين هو جريمة، وهو عار.

 

ماتيو بروني

السّؤال التّالي من إليزابيتّا بيكّيه (Elisabetta Piqué) من صحيفة (La Naciòn) اليوميّة، التي تعرفونها جيّدًا.

 

إليزابيتّا بيكّيه (La Naciòn)

قبل كلّ شيء، شكرًا على هذه الزّيارة الجميلة إلى حدود العالم: كانت أطول زيارة في حبريّتكم. وبالكلام على الزّيارات الطّويلة، سألني الكثير من الزّملاء في هذه الزّيارة: ”هل سنذهب إلى الأرجنتين؟“. قلتم كثيرًا إنّه ربّما في نهاية السّنة... السّؤال الأوّل هو التّالي: هل سنذهب إلى الأرجنتين أم لا؟ والسّؤال الثّاني عن فنزويلا: كما تعلمون، هناك وضع مأساويّ. في هذه الأيّام، خلال زيارتكم، اضطرّ الرّئيس المنتخب نظريًّا أن ينفي نفسه في إسبانيا. ما هي الرّسالة التي توجّهونها إلى شعب فنزويلا؟ شكرًا.

 

البابا فرنسيس

لم أتابع الوضع في فنزويلا، لكن الرّسالة التي أوجّهها إلى الحكَّام هي الحوار وصنع السّلام. الدّكتاتوريّات لا فائدة منها وتنتهي بشكل سيّء، عاجلًا أم آجلًا. إقرأوا تاريخ الكنيسة. أقول إنّه على الحكومة والشّعب أن يبذلا قصارى جهدهما لإيجاد مسيرة سلام في فنزويلا. لا أستطيع أن أعطي رأيًا سياسيًّا لأنّني لا أعرف التّفاصيل هناك. أعلم أنّ الأساقفة تكلّموا في هذا الموضوع، ورسالتهم يجب أن تكون جيّدة جدًّا. ثمّ، هل أذهب إلى الأرجنتين: إنّه أمرٌ لم يتمّ تحديده بعد. أودّ أن أذهب، إنّه شعبي، لكن لم يتمّ اتّخاذ القرار بعد، لأنّ هناك أمورًا أخرى يجب حلّها أوّلًا. هل هذا كلّ شيء؟

 

إليزابيتّا بيكّيه (La Naciòn)

من مجموعة الصّحفيّين الإسبانيّة: في حال ذهبتم إلى الأرجنتين، هل يمكن أن يكون هناك وقفة في جزر الكناري؟

 

البابا فرنسيس

لقد قرأتِ أفكاري. أنا أفكّر في هذا الأمر قليلًا: أن أذهب إلى جزر الكناري، لأنّ هناك يوجد حالات المهاجرين الذين يأتون من البحر، وأودّ أن أكون قريبًا من الحكّام والشّعب في جزر الكناري. هذا ما أفكّر فيه.

 

ماتيو بروني

صاحب القداسة، ربّما يمكننا أن نطرح السّؤال الأخير قبل الغداء، من الصّحفيّ الإندونيسيّ بونيفاسيوس خوزيه سوزيلو هارديانتو (Bonifasius Josie Susilo Hardianto) من (Kompas.Id)

 

بونيفاسيوس جوزيه سوزيلو هارديانتو (Kompas.Id)

شكرًا أيّها الأب الأقدس. بعض الدّول تنسحب من التزامها الذي أخذته في اتّفاق باريس، بسبب الصّعوبات الاقتصاديّة، لاسيّما بعد الجائحة. وبلدان كثيرة تتردّد في أن تواجه التّحول إلى الطّاقة النّظيفة التي تعتمد بشكل أقلّ على الوقود الأحفوري. ما رأيكم في ذلك؟

 

البابا فرنسيس

أعتقد أنّ مشكلة المناخ خطيرة، خطيرة جدًّا. من بعد لقاء باريس الذي كان القمّة، تراجعت اللقاءات حول المناخ. يتكلّمون ويتكلّمون كثيرًا، لكنّهم لا يفعلون شيئًا. هذا هو انطباعي. تكلّمت على ذلك في الرّسالة العامّة ”كُنْ مُسَبَّحًا“ وفي الإرشاد الرّسوليّ ”سبِّحوا الله“.

 

ماتيو بروني

نشكر صاحب القداسة...

 

البابا فرنسيس

شكرًا لكم. شكرًا. استمرّوا، وتشجّعوا. نتمنّى أن يقدّموا لنا الطّعام، الآن!...

لا، هناك شيء لم أُجب عليه!

 

ماتيو بروني

لإكمال الرّدّ على سيمون ليبلاتر.

 

البابا فرنسيس

ماذا كان يعرف الفاتيكان عن الأب بيير. لا أعلم متى عَلِمَ الفاتيكان بالأمر، لا أعلم. لا أعرف لأنّني لم أكن هنا، ولم تخطر ببالي فكرة أن أبحث في هذا الأمر. لكن بالتّأكيد، بعد وفاة الأب بيير، هذا أكيد، وقبل ذلك، لا أعلم.

 

ماتيو بروني

شكرًا مجدّدًا، صاحب القداسة، على هذا التّوضيح. نتمنّى لكم رحلة موفّقة.

 

*******

© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2024



Copyright © Dicastero per la Comunicazione - Libreria Editrice Vaticana